من خلال عملي في مجال تصميم المواقع، ومخالطتي للمجتمعات الإنترنتية العالمية التي هي صاحبة الريادة، وصانعة التوجهات في هذا المجال، أستطيع أن أقول إن العالم العربي يعاني من عيوب عدة تتراوح بين خفيفة وخطيرة في مجال تصميم الويب، وما لم نتخلص من تلك العيوب ونقوم باللّحاق بالركب ومواكبة التوجهات العصرية فسوف نبقى قابعين في الخلف، وهذا ما لا ينبغي أن يكون، وهو ما يجب نبذه والتنكب عنه. أطلقت كلمة “تصميم” وأعني التصميم بمفهومه الشامل. فليس التصميم هو الشكل الجميل والألوان المتناسقة والجذابة فحسب، بل يشمل كذلك بناء واجهة المستخدم بشكل يضمن “سهولة الاستخدام – Usability” و “إمكانية الوصول – Accessibility” وغير ذلك مما سنتعرض له في ثنايا الموضوع. يجب أن أشير إلى أن فئة من المواقع العربية بدأت تسير في الاتجاه الصحيح، وبعض المصممين العرب في الفترة الأخيرة أصبح لديهم الوعي الكافي بالمعايير المتبعة وبما يجري في إطار تصميم المواقع في العالم. سأذكر فيما يلي بعض العيوب التي أرى أنها خطيرة ويجب التخلص منها
رابعاً: المستخدم العربي والمتصفح إكسبلورر:
إن من أهم مظاهر تخلف الويب العربي، هو المستخدم العربي نفسه، حيث إن النسبة الأكبرمن المستخدمين يتصفحون الشبكة عن طريق المتصفح إنترنت إكسبلورر، ومع أن لهذا المتصفح عدة إصدارات حديثة، إلا أننا في الوطن العربي وبكل أسى مازلنا وبنسبة كبيرة عالقين في ظلام الماضي السحيق حيث الإصدارة رقم 6 والتي تعد في العالم أسوأ متصفح خرج إلى النور، فهو أزلي لا يمت بصلة لتقنيات الويب الحديثة المتجددة كل يوم، بل ويقل فيه الأمان بشكل مخيف. قبل عدة أسابيع أرسلت قوقل رسالة إلى جميع مستخدميها تنوه إلى أنها ستتوقف عن دعم إنترنت إكسبلورر الإصدارة 6 في جميع منتجاتها (مواقعها)، وفي وقت يرى فيه بعض الغربيين أن تقام مراسم تشييع جنازة إنترنت إكسبلورر 6 حيث إن استخدامه شبه توقف، يتعيين على المصمم العربي أن يبني مواقعه الحديثة في عام 2010 بشكل يتوافق مع متصفح كان صدوره قبل تسع سنوات (2001)، إذن فهو مرغم على التنازل بدرجة كبيرة عن تقنيات التصميم الحديثة. ياللأسف.
خامساً: التصميم بدون المواصفات التي تضمن سهولة الاستخدام وإمكانية الوصول هذه الفقرة مرتبطة تماماً بالفقرات السابقة، فإذا تخلصنا من النقاط الأربع التي سبقت حصلنا على ما نريد. إذن فالأمر مرتبط كذلك بالمعايير. إن من صفات المصمم العربي أنه لا يولي تلك المعايير والتوجهات المعمول بها عالمياً اهتماماً كبيراً ، فيكون تصميم المواقع محض تجربة شخصية، وربما تكون تلك التجربة فقيرة وهزيلة فينتج لنا موقع صعب الاستخدام، صعب التصفح، تختلط فيه الروابط الخارجية بالداخلية، والإعلانات بمواضيع محلية، ويشتت الانتباه أكثر مما يشده، وينفر الزائر أكثر مما يجذبه. أما مسألة إمكانية الوصول Accessibility فتكاد تنعدم تماماً وتتمثل في الأتي: أي فرد لا يستخدم المتصفح إنترنت إكسبلورر في تصفحه للويب العربي سيجد صعوبات في الوصول إلى مايريد، ويشترك المطورون مع المصممين في هذا الخطأ الشائع.
محركات البحث لن تفلح في الوصول إلى المحتوى العربي بشكل دقيق وكامل، مما يعوق وصول المستخدم العربي إلى المعلومات بسهولة وبدقة.
ذوي الاحتياجات الخاصة لا حظ لهم البتة في تصفح الويب العربي إلا بمساعدة غيرهم، فالمعايير التي نتغاضى عنها هي التي تضمن تصميم مواقع يسهل على ذوي الاحتياجات الخاصة الوصول إليها وإلى ما بها من معلومات بدون صعوبات.
وأخيراً: ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو الفرق الشاسع الذي أجده بين الشبكة المعلوماتية العربية والشبكة المعلوماتية العالمية (الغربية خاصة)، وهو لأمر محزن، مع وجود عيوب لم أتطرق إليها واكتفيت بالأهم. ولكن هناك أمل في أن يتغير هذا الواقع إلى الأفضل، فكما ذكرت في المقدمة فإن هناك مجموعة من المصممين في العالم العربي لديهم الوعي الكافي بما ذكر في الموضوع، ومشاركة هؤلاء مالديهم من خبرات مع مجتمع الإنترنت عن طريق المدونات التي تزداد يوماً بعد يوم سيساهم بلا شك في نشر الوعي وبالتالي في تقدم الشبكة إلى الأفضل.



4:25 ص
Unknown
قسم:
0 التعليقات:
إرسال تعليق